في خضمّ دويّ الانفجارات وصراخ النازحين، تُختزل كل مآسي الحرب إلى كابوس لا يُطاق. لكن ثمة فئة تدفع ثمنًا أقسى: أطفال التوحد وعائلاتهم، من تُطحن أحلامهم تحت عجلات الصراع، لا بسبب العنف فقط، بل لأن العالم من حولهم يصبح فجأة غابة من المحفزات الحسية القاسية، والروتين المُدمَّر، والخدمات غير المتوفرة أبدًا.
بالنسبة لأطفال اضطراب طيف التوحد، فإن تغيير الروتين في الظروف الطبيعية أمرًا مثيرًا للقلق، فكيف إذا كان هذا التغيير ضمن ظروف حرب قاسية وغير محتملة!

وتشتمل ظروف الحرب التي قد يتعرض لها أطفال طيف التوحد على:
▫التجارب المؤلمة،
▫الإجهاد الحسي الناجم عن القصف والانفجارات،
▫التوتر الناتج عن البيئات غير المألوفة والصاخبة والمزدحمة،
▫اضطراب الروتين والحياة اليومية
▫الخوف على سلامتهم وعلى حياة أفراد أسرهم
▫نقص خدمات الدعم المناسبة
▫زيادة التعرض للهجر والإهمال والإساءة
▫الإصابة الجسدية، الألم، وتجارب الموت والفقد
▫الظروف المروعة التي يتعرضون لها ولعائلاتهم.

كما أن العديد من الأفراد المصابين بالتوحد غير قادرين على الوصول إلى خدمات الاتصالات في حالات الطوارئ، وغير قادرين على الاستفادة من المساعدات الإنسانية الموجهة لعامة السكان. ونتيجةً لذلك، قد يواجه هؤلاء الأفراد وعائلاتهم صعوبةً كبيرةً في إخلاء المناطق الخطرة، أو قد يتأخرون في الفرار، أو قد يُتركون في العراء تمامًا.
فكيف تُجبر طفلًا لا يفهم معنى “الخطر” على المغادرة؟ كيف تشرح له أن بيته الآمن لم يعد موجودًا؟
ولا يقتصر الأثر فقط على من يعيشون في خضم الحرب، بل حتى أولئك الذين يعيشون ضمن مناطق الصراع وبالقرب منها، ممن يسمعون صوت الانفجارات والصواريخ، يعاني هؤلاء من توتر مستمر بسبب وجودهم في بيئات صاخبة وغير مألوفة.

علاوة على ذلك، فإن قلق الأهل نفسه يحول دون شعور الأطفال بالأمان ومن شأنه أن يقلل فرصهم في الحصول على الاهتمام من أهاليهم أو حتى اختفاؤه تمامًا. كما من شأنه أن يقلل فرص توجههم للحصول الخدمات.

الحرب لا تعرف التوحد، لكن التوحد يعرفها جيدًا، ويدفع ثمنها مرتين..